توفى الاحد عن 82 عاما المخرج المصرى العالمى يوسف شاهين بمستشفى المعادى للقوات المسلحة بالقاهرة التى نقل اليها بعد اجراء جراحة مؤخرا فى فرنسا نتيجة لاصابته بنزيف دموى بالمخ . يوسف شاهين من كبار المخرجين السينمائيين وهو صاحب اسهامات كبيرة في المجال السينمائي على مدى اكثر من نصف قرن قدم خلالها الكثير من الروائع السينمائية.
فافلام مثل " صلاح الدين" و " صراع في الوادي" و " باب الحديد" و" عودة الابن الضال" و "جميلة الجزائرية" وغيرها من الافلام شلكت وجدان اكثر من جيل من محبي السينما. كان يوسف او " جو" كما يطلق عليه المقربون منه في الوسط السينمائي، من اكثر المخرجين الكبار اثارة للجدل على مدى تاريخه السينمائي منذ اول افلامه " بابا أمين" الى فيلم " هي فوضى" الذي عرض اواخر 2007، سواء على صعيد اللغة السينمائية الجديدة التي ادخها الى السينما المصرية والعربية، او من جهة القيمة الفنية لاعماله. وتمتاز أعماله بلغة التمرد التي لم تظهر فقط في اعماله لكن في حوارته الاعلامية، وتناوله الجريء لقضايا حساسة اخلاقية وسياسية والتي ادت الى منع عرض بعض افلامه في التلفزيون المصري. نشأة شاهين ومسيرته ولد يوسف شاهين وترعرع في مدينة الأسكندرية لأسرة من الطبقة المتوسطة. ورغم ذلك فقد درس شاهين في مدارس خاصة منها مدرسة كلية فيكتوريا حتى حصل على الشهادة المدرسية الثانوية.
وفي اوائل حياته الجامعية، سافر شاهين إلى الولايات المتحدة وأمضى سنتين في دراسة صناعة الأفلام والفنون الدرامية.
وكان اول افلامه بعد عودته من الولايات المتحدة فيلم "بابا أمين" عام 1950 وبعد عام واحد شارك فيلمه "ابن النيل" 1951 في مهرجان أفلام كان السينمائي. ثم توالت افلام شاهين ليخرج عددا من الافلام الاجتماعية والرومانسية مثل" صراع في الوادي" عام 54، و " انت حبيبي" و "ودعت حبك" عامي 56 و57 على التوالي. انتقل بعدها شاهين ليقدم افلام وطنية وسياسية مثل " الناصر صلاح الدين" عام 1963، و " الارض" عام 70 و " العصفور" 74 ،"عودة الابن الضال" 76 وغيرها. افلام السيرة الذاتية بداية من عام 1979 دخل يوسف شاهين في غرام مع عرض سيرته الذاتية على الشاشة بدأها بفيلم " اسكندرية ليه" ليلحقه عام 82 بفيلم " حدوتة مصرية". وحاول شاهين ان يعرض لنا حياته كمخرج، وبدا عشقه واضحا لمدينته الاسكندرية التي جعل اسمها عنوانا لثلاثة افلام اخرين في مسلسل سيرته الذاتية هم " اسكندرية كمان وكمان" عام 90وفيلم "اسكندرية لية" و" اسكندرية نيويورك" عام 2004 والذي بدا انه خاتمة لهذا العرض الذي امتد سينمائيا على امتداد ربع قرن. ولم يكن عشقه للاسكندرية سوى تعبير عن محبته لمصر وتاريخها وانتمائه للوطن، حيث عكست افلامه الهموم والاشواق الاجتماعية التي حملها.
وفي حدوتة مصرية عرض يوسف شاهين تجربته الحياتية والمواقف التي اثرت فيه وتأثر بها فقدم حياته الفنية والعائلية والشخصية في قالب واحد. فنان اراد يوسف شاهين ان يغير وجه السينما العربية من خلال ما يقدمه من افكار واساليب فنية في افلامه السينمائية، ولا شك ان بصمته كانت واضحة بما تركه من افلام تعد علامات في تاريخ السينما العربية مثل الارض، وباب الحديد، والناصر صلاح الدين، والمهاجر الذي يدرجه بعض النقاد في خانة تلك الافلام.. ويشير نقاد الى ان مسيرة شاهين السينمائية، عكست، الى حد كبير، تطوره الفكري والفني، ووعيه بقضايا مجتمعه. وعن ذلك يقول شاهين " ... ان الوعي الاجتماعي قد دخل افلامي بعد فيلم جميلة... في جميلة كنت وطنيا بالفطرة، وكانت الامور بالنسبة لي اشبه بالعسكر والحرامية، الناس في الفيلم كانوا اما جيدين او سيئين، وعندما خرجت الجماهير من قاعة العرض واحرقت السفارة الفرنسية، ادركت انني فجرت شيئا لا اعرفه".
حرص شاهين على تقديم الوجوه الشابة في افلامه مسندا لبعضها ادوار البطولة، وكان شاهين صاحب الفضل في اكتشاف وتقديم عمر الشريف للسينما، والذي نقله فيما بعد الى العالمية على يد المخرج الانجليزي ديفيد لين في رائعته "لورنس العرب" و "دكتور جيفاكو". غير ان شاهين حرص في الوقت نفسه على ان يعمل مع فريق من الممثلين ظهروا تكرارا في افلامه من بينهم النجمة يسرا، والممثلة محسنة توفيق، والمطرب محمد منير. ويقول شاهين انه لم يعد يحصل على تمويل رسمي لأفلامه منذ عرض فيلمه "العصفور" الذي يحمل مسؤولية هزيمة الجيش المصري في حرب يونيو/حزيران عام 1967 للفساد في المؤسسة السياسية المصرية. حصل شاهين على عدد من الجوائز خلال مسيرته الفنية من بينها جائزة الدب الفضي من مهرجان برلين الدولي على فيلمه اسكندرية ليه. كما لاقى احتفاء كبيرا من جانب عدد من دول العام والمهتمين بصناعة السينما خاصة في فرنسا التي تعاون معها شاهين في انتاج بعض الافلام مثل فيلم " وداعا بونابرت" والذي تناول فيه الدعوة التي اطلقتها الدول الاستعمارية من ان نشر الحضارة يبرر الاستعمار. وفي عام 1997 حصل شاهين على جائزة من مهرجان كان للسينما تقديرا لانجازه وسيرته الفنية الطويلة. ولا يعرف ما اذا كان ذلك شفى غليل شاهين الذي كان يتطلع دائما الى الحصول على جائزة هذا المهرجان عن احد اعماله وليس عن مجمل اعماله اعترافا بقيمته الفنية. ولم ينفصل ذلك عن تطلع شاهين الى الاعتراف الدولي وقد اظهر في افلامه سيرته الذاتية كم الحسرة والالم التي شعر بها اكثر من مرة عندما كان على ثقة من انه اقترب من نيل احدى هذه الجوائز العالمية دون ان يحصل عليها فعليا.